طَالَتِ المَسَافَةُ، وانْقَطَعَتِ الأنْفَاسُ، وارْتَخَتِ الأعْيُنُ، وأرْخَتْ دُمُوعا ًقِرمِزِيَّة، وجَثَمَ القَلَقُ الخَانِقُ عَلى القُلُوبِ، وهَاجَتِ النفوسُ بِكُلِّ الحِمْلِ المُلتَصِق ِبِجُذورِ النَّفسِ. إنَّهَا اليَومَ تَتَجَشَّاُ بالخَواطِر الكَاسِرَةِ التِّي تَعَثـّرَتْ بِحَوَافِ الفُؤَادِ وتَكَسّرَت هِي َالأخرَى.
فِي الضِّفَّةِ المُقَابِلَةِ تَسِيرُ حَافِلَة ٌوكَأنَّهَا دَابَّة ٌتَتَعَثـَّرُ حَوَافِرُهَا بِرمَالِ صَحرَاءَ عَاتِيَةٍ. تَركَبُهَا أجْنَاسٌ مُختَلفة ٌ مِنَ النَّاسِ، يَغتَسِلُونَ في صَحراءَ لا مَاءَ فِيهَا.
ومِن قِمَّةِ نَخلَةٍ تَتَدَلىَّ أدْمِغَة ٌكَعَنَاقِيدِ التُّمُورِ، تَدخُلُ في مُنَاظَراتٍ، فقد هَربَتْ من رُؤُوسِ أصحَابِهَا بَحْثاً عن أوْعِية، لم تَجِدْ سِوَى سَعَفَ النَّخلِ بُيُوتاً لَهَا، وضَوءَ الشَّمسِ وَهَجاً لأنوَارِهَا، وريَاح الفَيَافِي تَجَدُّدا لأنفَاسِهَا. جَالَ فَيْضٌ منَ الدُّموعِ سَيّالاً في الصَّحراء، فَوَلَدَتِ الأرضُ وَاحَةً عَطَسَتْ، فَانْتَثَرَ النَّخِيلُ حَوْلَهَا.